-A +A
كتب: مسؤول الشؤون العربية

•• منذ البداية.. لا بد أن نطرح السؤال على النحو التالي:

•• هل نعتبر قضية الجيزاوي .. قضية «جنائية» بحتة أم قضية سياسية مدروسة.. ومحكمة ومخططا لها بعناية؟!

•• لكن الإجابة على هذا السؤال الكبير لا بد أن تبدأ بالتعرف على «شخص الجيزاوي» وهويته الفكرية والسياسية.. ودوره في اللعبة بالكامل؟!

•• الرجل باختصار شديد يُدعى «أحمد محمد ثروت» ويعرف بـ«أحمد الجيزاوي» في بلده.. وإن كان جواز سفره ووثائقه لم تتطرق إلى هذه الكنية..

•• وهو خريج كلية الحقوق وما زال يمر بمرحلة التدريب في أحد مكاتب المحاماة.. وإن كانت الأطراف التي استعانت به للعب أدوار معينة قد مكنته من استخراج رخصة لمكتب محاماة يقع في (7 شارع محمد صديق المنشاوي ببولاق الدكرور ــ بالجيزة» حتى يستطيع أداء المهام الموكلة إليه.. فهو في الحادية والثلاثين من عمره.. وما زال في مرحلة التدريب.. وهو معروف بين معارفه وأصدقائه باهتماماته السياسية.. وبعلاقته ببعض الأحزاب وبطموحاته الكبيرة أيضا..





•• وقد رصدت عدة قضايا ربطت باسمه.. وتقدم للمرافعة نيابة عن أصحابها.. ومنها قضية باسم خمسة من المتهمين المقبوض عليهم في المملكة بتهم مختلفة تتراوح بين تهريب المخدرات وبين استقطاب الشباب لمغادرة المملكة والالتحاق بتنظيم القاعدة والزج بهم في أتون الحروب والتوترات الجارية بالمنطقة وخارجها..

•• وفي إحدى الدعاوى المنسوبة إلى «الجيزاوي» نيابة عن السادة «أشرف إبراهيم السيد إبراهيم» و «خالد محمد كامل أحمد شلبي» وعاطف مصباح السعيد جمعة» و«رامي سيف الدين جلال شحاتة» و«محمد عبدالحميد محمد إسماعيل».

نجد أن الدعوى المذكورة رفعت ضد وزير الخارجية بالمملكة العربية السعودية وسفير المملكة بجمهورية مصر العربية.. وتطالب بالإفراج عن المذكورة أسماؤهم أعلاه لبطلان الدعاوى المقدمة ضدهم.. كما يدعي «الجيزاوي» وشريكه في المكتب.. أو هو صاحب المكتب الحقيقي «أحمد نبيل معوض».

•• والدعوى.. كما أشرنا إليها..شأنها شأن مئات الدعاوى المماثلة التي تصدر في أي مكان. لكنها التقت مع مواقف بعض التيارات المناوئة للمملكة داخل المجتمع المصري وخارجه.. وتلقفته وبدأت في التعامل معه.. وتوسيع دائرة الإساءة إلى المملكة وقيادتها وشعبها.

•• ولم يسلم قادة خليجيون آخرون أيضا من هذه الحملة المنظمة وفي مقدمتهم ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة.. وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.. وإن كانت الحملة قد نظمت بمشاركة عدد آخر من المحامين المجهولين ومنهم «إيهاب الرشيدي».. و«سعيد البنا» .. و«صلاح الدسوقي» وغيرهم.. بهدف إعطاء الانطباع بأن في المملكة ظلامات يتعرض لها أبناء الشعب المصري.. واستثارة المصريين ضد هذه البلاد وقادتها وشعبها على حد سواء.

•• ولم يكتف منظمو الحملة الذين استخدموا صغار المحامين الجدد.. بشن حرب شعواء على المملكة وقيادتها وشعبها في هذا الوقت بالذات الذي تمر فيه مصر بظروف سياسية وأمنية واقتصادية حادة.. عن طريق رفع عدة قضايا للمحاكم المصرية.. بل وجهوهم لإثارة الشارع المصري منذ أكثر من ستة أشهر مضت.. وذلك في محاولة مقصودة لتشويه صورة المملكة واستثارة الشعب المصري ضدها.. وإطلاق بعض الاتهامات والافتراءات ومنها وقوف المملكة خلف الجماعات السلفية بمصر.. ودعمها المزعوم لهم في الانتخابات..

•• وانطلقت عدة مظاهرات في أنحاء القاهرة بهدف «تهييج» الشارع المصري.. وتهيئته لما هو أكبر من مجرد الاتهام.. ورفع الدعاوى ضد المملكة.. وفي مقدمة تلك الدعاوى الكاذبة الربط بين مهاجمة السفارة الإسرائيلية في القاهرة.. وبين الاعتداء على سفارة المملكة.. بصورة مقصودة بالرغم من معرفتهم للأدوار الإيجابية التي تقوم بها المملكة وسفارة المملكة وقنصلياتها للوقوف إلى جانب مصر في أزمتها الراهنة وعلى كل المستويات وبالرغم من إدراكهم أن الشعب المصري لن يصدق هذا التلفيق المتعمد..

•• وبلغت الحملة ذروتها في الأسابيع الأخيرةحيث اتخذت أكثر من مسار:

• المسار الأول.. تسريب أخبار الدعاوى الكيدية ضد المملكة وكبار المسؤولين فيها عن دعاوى جنائية.. وحقوقية..وإنسانية مفتعلة..

• المسار الثاني.. تحريك الشارع المصري وتأليبه ضد القيادة السعودية.. والشعب السعودي بعامة وأبناء المملكة المقيمين في مصر العربية بصورة خاصة.. وتلفيق تهم مكشوفة لعدد منهم.. رغم براءتهم منها..

• أما المسار الثالث.. فيتمثل في مهاجمة السفارة السعودية وكتابة أقذع العبارات النابية والمهينة ضد المملكة وقادتها وشعبها.. وقد نشرت الكثير منها صحف المعارضة في مصر وبينتها العديد من المواقع الإلكترونية.. ونعف عن ذكرها أو الإشارة إليها لبذاءتها.. وفضحها لخيوط المؤامرة التي بدأت تتكشف للعيان.

• وتمثل المسار الرابع في بث تسريبات إعلامية منظمة ومدروسة ومخطط لها بعناية.. هدفها الأول والأساس هو إيجاد شرخ قوي بين البلدين.. والشعبين المصري والسعودي.. وتوسيع دائرة الفجوة عن طريق إقحام بعض المسؤولين.. وذلك بالتشكيك في مصداقية المملكة وفي تنفيذها للوعود التي أطلقتها في وقت مبكر.. لدعم مصر ماليا.. وتجاريا.. لإعطاء الانطباع بأن المملكة ضد الثورة وليست معها.. وأن حزمة الوعود تلك توقفت لأن المملكة غير راضية عن المسار السياسي العام في بلادهم.. وإن كانت هذه «الأراجيف» قد تبددت بعد يومين من إطلاقها وعرف المصريون مدى كذب مطلقيها.. كما عرفوا الكثير من التفاصيل عن آليات الدعم السعودي وبطلان ما أثير في هذا الجانب.. بدليل تراجع بعض المسؤولين الذين أقحموا في الحملة بعد وقوفهم على الحقيقة.

•• وعندما لم تحقق المسارات الأربعة السابقة أية أهداف كبيرة رمت إليها الجهات الداخلية المستفيدة من الحملة أو الخارجية المنظمة لها بإحكام.. بدأ العمل على تنفيذ المسار الخامس والأخير حتى الآن.. والذي كان يهدف إلى تفجير الموقف إعلاميا بين البلدين بقوة عندما نظمت عملية قدوم المحامي الشاب وزوجته (الدكتورة شاهندة فتحي) إلى المملكة بدعوى أداء العمرة.. في وقت كانت فيه أطراف عدة تعمل داخل مصر وخارجها.. على تصعيد قضية الاعتداء على السفارة السعودية بالقاهرة وتهديد السفير «أحمد قطان» وبقية أعضاء السفارة.. بالسحل.. وبالجلد.. وبالموت أيضا..

•• فقد كان سيناريو تنفيذ المسار الخامس على النحو التالي:

• يتم تصعيد حملة التظاهر ضد السفارة وقنصليتي المملكة بالسويس والإسكندرية..

• يتم استقطاب أكبر عدد ممكن من الأحزاب وفي مقدمتها حزب العدالة والحرية المرتبط بالإخوان المسلمين لمباركة الحملة.. إعلاميا.. بالتعاون مع بعض كبار الإعلاميين ولا سيما في القنوات الفضائية.. وبعضها محسوب على المملكة أيضا..

• طلب الحصول على تأشيرة للمحامي «الجيزاوي» وحرمه لزيارة المملكة في هذا الوقت بالذات.. بعد ترتيب عملية تهريب متعمدة للأقراص المخدرة المعروفة بـ «زاناكس» في علب حليب مصرية معروفة هي (جهينة) وكذلك في علب المصحف الشريف.. مع استخدام حبيبات المكرونة أيضا..

•• حدث هذا ــ وفقا لمخطط مدروس ــ تحقيقا لأهداف واضحة ومحددة.. غايتها تفجير قضية إعلامية للإساءة لصورة المملكة أمام الشعب المصري بصورة أكثر تحديدا وبالتالي تبرير الأعمال السائدة هناك ضد السفارة السعودية.. وفي وسائل الإعلام الموظفة لإطلاق الحملة وتوسيع دوائرها.. في وقت كانت فيه الدوائر القضائية تنظر في العديد من الشكاوى المفتعلة المقدمة ضد المملكة وقادتها وشعبها وتحاول إبرازها إعلاميا.

•• وعندما وصل «الجيزاوي» وحرمه.. إلى مطار جدة.. واكتشف رجال الجمارك المواد المخدرة على سير استقبال العفش.. ورصدتها الكاميرات الحرارية المتطورة.. وكشفت محتوياتها قبل أن تصل إلى نهايته.. وقبل أن يتقدم «الجيزاوي» و«حرمه» لاستلام حقائبهما.. وبدء مرحلة التفتيش لها..

•• عندها استدعي الرجل إلى إحدى غرف إدارة الجمارك.. فيما أوقف المختصون حقائب «الجيزاوي» قبل أن تصل إليها يد زوجته.. وتم التحفظ عليه مع الحقائب.. وأبلغت زوجته بما تم القبض عليه معهما.. وتظاهرت بأنها لا تعلم عن ذلك شيئا.. وغادرت المطار.. فيما بدأت عملية الاستجواب النظامية مع «الجيزاوي» الذي كان طبيعيا.. كما يقتضي الدور المرسوم له بدقة ــ بل إنه قد بدت على وجهه بعض ملامح الارتياح لأن القبض عليه.. بدا وكأنه يمثل الفصل الأكثر إثارة في مسلسل الاستهداف لعلاقات المملكة ومصر.. ولإيجاد شرخ عميق بين الشعبين..

•• وما أكد ذلك هو.. أن «الجيزاوي» لم يتردد في كتابة اعترافات واضحة ومباشرة ووافية وكافية.. وبخط يده.. وبعيدا عن أي إكراه وكأنه يريد أن يعطي للقضية بعدا جنائيا فقط.. بدلا من أن تؤخذ بأبعادها السياسية المخطط لها..

•• وحسابات الجيزاوي كانت تدورحول احتمالين.. أحدهما الإفلات من الرقابة وقبض مبلغ (100.000) ريال وعد بها من طرف آخر كان مقررا أن يكون في إستقباله.

•• أما الإحتمال الثاني فهو التوقيف والتعرض للمساءلة وبالتالي تفجير الموقف بين البلدين كما يريدون.

•• لكن جهات التحقيق المختصة في المملكة واصلت عملها وما زالت تواصله على أسس «احترافية» وبعيدا عن أي عملية ربط أخرى.. وفي ضوء المستمسكات المتوفرة لديها.. وحصر القضية في نطاقها الإجرائي من النواحي النظامية.. وإخضاعها في النهاية لأحكام الشرع..

•• غير أن متابعة تصريحات زوجة الجيزاوي من جهة.. وردود بعض الشخصيات السياسية.. والحزبية.. ودخول بعض وسائل الإعلام القضائي المصري بقوة على الخط.. أظهر حقيقة سيناريو العملية على حقيقته .. إذ بدا تهريب الحبوب المخدرة من قبل «الجيزاوي وحرمه» مقصودا في حد ذاته وليس منعزلا عن الحصار المتواصل لسفارة المملكة في القاهرة.. وتهديد السفير وأعضاء السفارة بالجلد والسحل في الوقت الذي تحرك فيه بعض المرشحين للرئاسة المصرية ومنهم «عمرو موسى» الذي بادر بالاتصال بسمو وزير الخارجية لاستطلاع الأمر وتصريحات المرشح المستبعد من قائمة الرئاسة «حازم صلاح أبو أسماعيل» التي كشفت عن سخط بعض القيادات المنتمية إلى الإخوان المسلمين على المملكة.. لاختلافها معهم في التوجهات الراهنة لاحتواء منجزات الثورة وتوجيه البلاد وجهة تختلف تماما عما أرادته وسعت إلى تحقيقه..

كما جاءت اتصالات بعض الساسة من رؤساء الأحزاب بالسفير السعودي بالقاهرة ومنهم رئيس حزب الغد «أيمن نور» للمطالبة بإيقاف إجراءات التحقيق مع «الجيزاوي» وإطلاق سراحه.. بصرف النظر عن التهمة الموجهة إليه.. وبصرف النظر عن اعترافاته الخطية التي لا تحتمل الشك أو الضعف..

•• هذه التحركات وتلك.. عكست مدى سعي بعض القوى السياسية للاستفادة من الواقعة في دعم حملتهم الانتخابية للوصول إلى كرسي الرئاسة.. بالرغم من معرفة الكثيرين منهم بأن القضية ما تزال في طور التحقيق.. وأنها لم تعرض بعد على القضاء الشرعي في المملكة.. وبالرغم من تأكدهم بأن السلطات السعودية تتعامل مع القضية بهدوء تام.. كقضية جنائية عادية.. شأنها في ذلك شأن عشرات «المقبوضات» التي تتصدى لها منافذ المملكة البرية والبحرية والجوية يوميا بعيدا عن أي مؤثرات خارجة عن قواعد العمل المنظمة لمثل هذه العمليات.. وبصرف النظر عن أي خلفيات سياسية أو غير سياسية أخرى.

•• والغريب في كل هذا هو تلك التسريبات الإعلامية المدروسة أيضا.. والتي تجاهلت كل الوقائع المتصلة بالتهمة ومتعلقاتها.. وراحت تصورها وكأنها عملية تصفية حسابات مع محام واحد من عشرات المحامين الذين يترافعون في قضايا كثيرة.. مختلقة ضد المملكة صباح مساء.. ولا نعيرها أي اهتمام.. فضلا عن أن نتعامل معها أو مع أصحابها بأسلوب الاستدراج وتصفية الحسابات.

•• تلك الحملات الإعلامية شاركت فيها زوجة الجيزاوي والتي أظهرت تصريحاتها المتناقضة.. بدءا بادعائها عدم العلم بالمضبوطات.. وكذلك عدم علمها بمصير زوجها على مدى ثلاثة أيام.. ثم ادعاؤها أن التهمة مدبرة.. وأن تلفيق عملية تهريب تلك الحبوب المخدرة تمت لإدانة زوجها الذي حاولت أن تظهره كبطل قومي.. وصاحب آراء سياسية مناهضة للمملكة وللنظام السياسي في المملكة قبل هذه الواقعة وبعدها..

•• مسؤولون ومثقفون.. وساسة ورجال قانون وأمنيون في المملكة سخروا من هذا الربط.. وقالوا إن «فكر المملكة» وأدبياتها السياسية.. ومنهجها الأمني.. وقضاءها لا يجيدون تدبير مثل هذه «الشراك» كما وصفتها زوجة الجيزاوي.. لأن القضية لا تحتمل كل ذلك.. ولأن الجيزاوي شخص مغمور.. وأنه لا يشكل أي خطر أصلا لا على المملكة.. ولا على سلامتها العامة.. وأنه أحد عشرات الأدوات التي استخدمتها قوى إقليمية لإثارة الزوابع داخل مصر.. بهدف إسقاط الدولة بعد إسقاط النظام..

•• وإذا نحن مضينا في هذه القراءة الموضوعية.. إلى آخرها فإننا سندرك أن إيران كطرف خارجي.. وأحزابا معينة وأصحاب توجهات خاصة داخل مصر لها مصلحة في التخطيط لمثل هذه الأعمال.. وإن بدت ساذجة في بعض مراحلها..

•• والسؤال الآن هو:

•• لماذا قامت إيران بمثل هذا العمل وما هي مصلحتها من ورائها؟

•• والجواب البسيط هو.. أن إيران تعتقد أن المملكة العربية السعودية هي السبب في الحيلولة دون تطوير علاقتها مع جمهورية مصر العربية بعد الثورة وتأجيل عودة السفير إليها.. وبالتالي فإنها أرادت أن تؤدب البلدين على تضامنهما ووقوفهما بوجه الأطماع الإيرانية.. وسياسة بذر بذور الفتنة في المنطقة.. وإلهاب الشعور العام ضد الأنظمة العربية المستقرة.. لأنه من مصلحتها أن تستمر حالة التوتر في المنطقة.. وتحديدا في مصر العربية.. حتى لا تقوم لها قائمة كقوة قومية كبيرة يحول وجود نظام قوي فيها دون تحقيق طهران حلم السيطرة كقوة إقليمية وحيدة ومتنفذة في أرجاء الاقليم..

•• منطق العقوبة هذا لكل من مصر والمملكة.. وثقافة التدخل الإيراني في شؤون المنطقة.. وإفشال مخطط طهران في البحرين .. وإلى حد ما في لبنان.. ومحاصرتها في سوريا.. وإفشالها لمخطط التثوير لليمن.. هي التي جعلت إيران توظف عناصرها هنا وهناك لخدمة أهدافها السياسية والأمنية.. لزعزعة الأمن والاستقرار في الدول القوية والكبيرة.. والرافضة للتوسع الإيراني على حساب دول وشعوب الإقليم..

•• ورسم سيناريوهات متعددة.. وبأكثر من صورة .. هو لعبة إيرانية ناجحة بالنسبة لها في صرف الاهتمام الإقليمي والدولي بمعاناتها في منطقة «الأحواز» ودفعا للشر بعيدا عنها.. وشغل الدول الأخرى بقضايا من هذا النوع حتى تصرفها عن دعم الإخوة العرب والسنة منهم داخل إيران.. لأن طهران تعتبرهم مشكلة كبيرة لا يمكن التغلب عليها بغير هذه الطريقة المعقدة.

•• على أن هناك بعدا آخر.. عبرت عنه بعض القوى السياسية داخل مصر العربية وهي تتصدى للدفاع عن «الجيزاوي» وتصب جام غضبها على المملكة.. وتعاملها السياسي وقضائها حتى قبل أن تنظر القضية من قبل الشرع.. هذا البعد هو.. شكل وطبيعة النظام السياسي المصري الذي يتشكل الآن بصعوبة.. ويثير امتعاضا شديدا بداخلها.. ويترك إفرازاته على أقرب الدول والشعوب إلى مصر وشعب مصر وفي مقدمتهم المملكة وشعب المملكة الذين يراقبون المشهد بحذر شديد.. أملا في أن لا تؤخذ مصر في غرة .. وتدار بصورة خاطئة في المستقبل وبما لا يجسد تطلعات وطموحات الشعب المصري نفسه.. ولا يعبر عن تنوعاته الثقافية والسياسية والاجتماعية.. وهو تنوع يسمح بقيام نظام مدني متحضر في دولة كبيرة ورائدة.. وبشعب عريق.. وصاحب تاريخ.. ولا يمكن مقايضته بمصالح آنية وضيقة مع دول خارجية.. تسعى إلى التقوي على حساب الكل.. وتجد في الإبقاء على أبشع صور الفوضى .. في مصر.. حتى تتعطل الحياة السياسية فيها.. وتضع البلاد أمام خيارات محددة.. لا يمكن التنبؤ بخطورتها أبدا..

•• لكن مصر العربية.. وفي ضوء كل المعطيات التي عبر عنها رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية المشير طنطاوي .. وكذلك رئيس الوزراء «الجنزوري» .. وكذلك النخب السياسية والثقافية والإعلامية فيها.. وفي المملكة العربية السعودية تؤكد أن المؤامرة قد كشفت.. وأن الأدوات التي استخدمت لا يمكن أن تستغفل شعبين فيهما من العقلاء من يمتلكون قرار التأمين لسلامتها.. بعد تكشف جميع الحقائق في الأسابيع القليلة القادمة.. وبما يؤسس لعلاقات مستقرة بين البلدين والشعبين.. لا تؤثر فيهما «المؤامرات» ولا تشغلهما عن أدوارهما التاريخية الكبرى أي شواغل عارضة.. سرعان ما يكشفها وعي الشعبين.. وإدراك القيادتين لمصالح بلديهما وأمتهما..

•• الشيء الوحيد الذي عجزت الأطراف المشاركة في هذا المخطط عن حجبه عن أعين المراقبين أنه لا الشعب المصري.. ولا القيادة المصرية.. ولا الشعب السعودي ولا القيادة السعودية يمكن أن تستجيب لهذا الابتزاز.. ودفع الأمور باتجاه الأزمة.. بدليل هذا التواصل السريع الذي تم بين الطرفين.. وبدليل كثافة العمل الأمني والسياسي المشترك الذي يقوم الآن بين الطرفين لاحتواء تداعيات الوضع.. وإيقاف كل شكل من أشكال العبث بمقدرات الشعب المصري.. وتهديد مستقبله واستقرار بلاده.. وذلك ما سوف تكشف عنه الأيام القليلة القادمة.. وتؤكد معه أن المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية أقوى من كل المؤامرات.. وفوق كل عمليات الاستدراج إلى الصدام .. بأي شكال من الأشكال.

•• لكن السؤال الآن هو:

•• ماذا يتوقع المراقبون حدوثه.. بعد أن وعد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بالنظر في مجمل الأمر وفقا للظروف ومصلحة البلدين التي تنبع من تاريخ طويل في العلاقات الودية بين البلدين الشقيقين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية؟

•• الجواب هو:

•• أن القرار الأن بيد السلطة في مصر.. وبيد الشعب الذي أبدى خلال الأيام الماضية أحاسيس كريمة تجاه المملكة وقيادة المملكة وشعب المملكة.. وهي مشاعر لا نستغربها منهم.. ونتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يوفقهم للعمل على تفويت الفرصة على أعداء البلدين وعلى من يعملون ضد مصالح الشعبين، فالأمر يتطلب حزما كافيا.. وحسما بمنع استمرار الفوضى والعبث بمقدرات البلد العربي الكبير.. وشعبه العربي الأصيل.